علي كراجي
الناظور استثناء في كل شيء، حتى في من نسميهم دون أدنى احترام للمصطلحات العلمية بالنخبة السياسية، هذه الأخيرة التي تعول عليها الساكنة بأن تترافع عن مشاكلها ومصالحها أمام السلطة التنفيذية (الحكومة) وصناع القرار في البلاد، إذ أصبح معيار البرلماني الذي يشتغل بالنسبة لها بعدد الأسئلة الكتابية والشفوية التي تطرح بمناسبة أو بدونها.
هكذا يحاول البعض التسويق لاسم أو لون سياسي، فتجد الكثير من المقالات في المواقع الإعلامية وفي منصات التواصل الاجتماعي يتخيل من خلال قراءة عناوينها العريضة أن المنقذ قد حط رحاله بالمنطقة، “فلان يسائل الوزير كذا عن أعقد قضايا الإقليم”، و “البرلماني فاغوش يشدد على ضرورة توفير ميرسيديس لكل مواطن”، ومواضيع أخرى تطرح يكاد العاقل يجزم أن الهدف منها هو فقط لكي يقال بأن ممثل الأمة يلتزم بتنشيط البطولة خلال ولايته الانتخابية.
بالعودة إلى نوع الأسئلة التي تنمو بين ليلة وضحاها، وطريقة صياغة موضوعاتها المختلفة، يتبين أنها تأتي في سياق المشاركة فقط كما أشرنا سلفا، إذ كيف يعقل أن مواضيع وقضايا نوقشت مرارا وتكرارا، وأخرى تعد اختصاصا محضا للمجالس المنتخبة والجماعات الترابية، يعيدها برلمانيو الناظور في قالب أوراق مكتوبة يتم توجيهها إلى أعضاء الحكومة، مع العلم أن أجوبتها متوفرة وقد سئم المواطن من سماعها مرارا.
وهنا لا بد من فتح قوس حول الثقافة القانونية للنائب البرلماني الذي يفترض أن يؤدي دوره التشريعي مقابل درايته بالقضايا الهامة لاستثمارها في إظهار قدرته على ممارسة دوره الدستوري المتعلق بمراقبة أعمال السلطة التنفيذية وتقييمها، وهل هدفه هو الظهور في صورة السائل المزعج للحكومة ام أن الرغبة الحقيقية تكمن في الترافع عن مصالح منطقته والبحث عن الآليات المناسبة والناجعة لتحقيق الهدف المنشود ألا وهو التنمية؟.
أسئلة كثيرة تحضر في هذا الإطار، من خلال تسليط الضوء على عمل البرلمانيين في أقاليم أخرى غير بعيدة، والتي تعمل فيها نخبتها السياسية جهودا مضاعفة بعد تذويب الخلافات في اتجاه واحد ألا وهو الضغط لجلب أكبر عدد من المشاريع الاستثمارية والتنموية التي ستساهم بدون شك في التقليص من نسبة البطالة وفتح أبواب الحصول على مناصب شغل قارة للشباب الحاصلين على الشهادات الدراسية في مختلف التخصصات، لكن في الناظور لا زلنا نتخبط في أسئلة تصيب قارئها بالجنون، من قبيل “إنجاز مقبرة، وإحداث مجزرة، وملعب للقرب، ومسرح…”، وكأن سعادتنا تكمن في الملاعب والحدائق فقط؟، وإذا ما رأى مشروع النور في هذا الجزء من البلاد، ستجد أن الكل يتسابق على نسبه لنفسه كما حدث مع بعضها “المطار، المستشفى الإقليمي غير المكتمل، خط السكة الحديدية…،”، بل هناك من قال أنه كان وراء دسترة الأمازيغية أيضا، ولن نتعجب إذا سمعنا يوما أن أحدهم زودنا بالأوكسجين ما دام ممثلونا يتقنون إخراج “السنطيحة” للتغطية عن فشلهم.
ولأن أغلب الأسئلة التي يطرحها برلمانيو الناظور لم تعد ذي جدوى ولا تكتسي أية أهمية بالنسبة للحكومة، فإن الوزراء أصبحوا لا يضعونها في صلب اهتماماتهم، وهذا يؤكده عدم التفاعل مع أزيد من 50 سؤال كتابي موزع على مسؤولي القطاعات الحكومية، وهنا لا بد بأن نحترم موقف أعضاء الحكومة، إذ كيف يعقل في زمن يتوق فيه الجميع إلى التنمية وجلب الاستثمارات الكبرى وإنهاء المشاكل الاجتماعية العالقة أن يتحول بسبب سؤال برلماني إلى مناسبة للجدل والأخذ والرد حول سبب عدم إصلاح قنطرة أو ومآل مشروع بناء مدرسة.
إن البرلماني الذي يمارس التسويق الإعلامي عن طريق الأسئلة التقليدية التي يوجهها متى وضع رجليه في البرلمان، يؤكد بدون ترك أي مجال للشك أنه بحاجة إلى تكوين يجعله قادرا ومتمكنا من أدواره الهامة، سواء فيما يتعلق بالتشريع، أو مراقبة العمل الحكومي، أو الترافع والكشف عن ملفات الفساد التي تعرقل مسار التنمية، أما الأساليب الأخرى ليست سوى خرجات الهدف منها هو تزيين الصورة الشخصية ومحاولة كسب رضا الناس بأسئلة أغلب من يطلع عليها ينهيها بعبارة “عقنا بكم”.
تعليقات الزوار ( 0 )